01/03/2012

سلسلة الوفاء ؟؟ ( الحلقة الخامسة ) .... للأديب الشاعر/ صالح سالم - المصرى

الحلقة الخامسة

من مذكراتها الشخصية



كنت متزوجة ولكن على الورق فقط .. تزوجت زواج تقليدى
تم فى أيام قليلة بناء على رغبة والدى ولظروف عمل زوجى لأنه
كان يعمل فى إحدى الدول العربية,
وجدت نفسى فجأة أعيش مع رجل لاتربطنى به أى نوع من
المودة أو الألفة .. فلم تكن بيننا فترة خطوبة حتى يعرف كلا
منا الأخر .. 


فى ليلة الزفاف وجدت عليه إنطباع غير عادى - كان ينظر لى
باعجاب شديد .. كنظرة التاجر لشراء تحفة ثمينة إمتلكها , أدركت
منها أنها نظرة الفوز والإنتصار - إحساسه بأنه تزوج
سيدة جميلة يحسده عليها الأخرون ,
إستبدلت ثيابى بملابس النوم وجلست أمامه وأنا فى شدة
الخجل - لكننى لم أشعر بأى تغيير طرأ عليه وجلس أمامى
بكل برود وكائنه لوح من الثلج , أو أنه جالس مع شقيقته أو
أحد أصدقائه , لاحظت بروده فى النظر إلي ..!!
لم يعلق ولابكلمة واحدة .. لم يقبلنى .. لم أشعر أنى حركت
داخله شعرة واحدة , كان أمامى كالصنم ,
نظرت إلى نفسى فى المرآة فاذ بى فى غاية الجمال والإثارة ..
ومرت الليلة الأولى دون أن أشعر بأنى عروسة فى ليلة عرسها,
وجأت الليلة الثانية فإذ به يسالنى : كيف يكون الزفاف
فنظرت اليه وأنا فى شدة الخجل والدهشة ولم أعلق ,
بالفعل أنا أيضآ لم أعرف شيئآ , لم أتذكر أن أمى
أخبرتنى بشئ عنها - فالحديث عن العلاقات الزوجية
خط أحمر ممنوع الاقتراب منه .. وأضطررت أن أذهب معه
إلى الطبيب كى أتحول من فتاة الى سيدة


وذلك لكى أوفر على نفسى عناء التجربة مع إنسان جاهل تماماً,
شعرت هذه الليلة أننى فقدت أدميتى كإنسانة فيوم زفافى كان يوم
وفاتى 



 وبدأت اللاحظ أنه غريب الأطوار .. لم يتعامل معى كاأنثى
يثيرها.. يلاطفها ..يمزح معها .. يقبلها - لا لا لقد إنتابنى إحساس
بأنه طفل فى المرحلة التمهيدية من حياته , كنت أغالط نفسى وأقنعها
بأن ليس له علاقات نسائية سابقة أو إنه خجول أو لايحب أن يظهر فى
موقف ضعف أمامى 
واعتبرت أنه ربما يكون وضع طبيعى .. 
لم يطرأ ببالى أبداً إنه نوع أخر من الرجال ..

فقد بدأ إقترابه منى بوضع شاذ لم يأمرنا الله به فكنت أنهره ,
فهذه الطريقة مثيرة للإشمئزاز والقرف وبعيدة عن الأخلاق
والدين وصرخت فى وجهه (ان لم تقم علاقة شرعية لاتقترب
منى أبداً) كل ذلك وأنا لا أدرك لماذا يفعل ذلك ولماذا هو دائماً
بارد الإحساس والشعور نحوى ولما لاأثيره كإمرأة؟


كنت أخجل أن أفاتح أمى وأسألها :هل هذا شئ طبيعى من
الرجال ... أن يمارس علاقته الزوجية كل شهر مثلا؟ وبطريقة
المراهقين...لحظات عذاب بالنسبة لى عشتها معه
ومع ذلك أنجبت منه..ولاتسالينى كيف لأنى بذلت مجهود وعناء
أخجل ان احدثك عنه


عشت سنين عمرى محرومة جسدياً وعاطفياً.. ولأنى أعشق
الرومانسية فكانت هذه المشاعر هى سبب حزنى وكأبتى المذمنة ,
كنت أسمع صديقاتى يتحدثن عن معاشرتهن لأزواجهن وكيف أن
هذه الرابطة الحميمة تزيدهن حباً وعشقاً... وأن هذه العلاقة
ضرورية جداً لكى تجدد الدفء بينهم ...!!!


فى هذه الأثناء أيقنت أن زوجى ليس طبيعياً وأنه من الشواذ0!
يستمتع بالعلاقة الحميمة فقط بما حرمه الله وبدأت أدرك ذلك
وتنبهت إليه من القنوات الدينية فى الفضائيات


عشت حياتى معذبة من الحرمان العاطفى والجسدى ,
فى حالات ضعفى كنت أتوجه لله ساجدة كى يعيننى على تحمل
مأساتى .. لم أفكر أبداً فى خيانة زوجى .. ولا أن أعيش
فى الحرام (والعياذ بالله) من أجل متطلباتى الجسدية ,
لأنى إمرأة أخاف الله وأحترم ذاتى .. 


والأهم من ذلك أن لدى بنت أخاف عليها أن تحمل ذنبى ويكون
عقاب الله لى فى فلذة كبدى , كما أننى أبغض الخيانة ..
أعتبرت أن زوجى متوفى وأنى أرملة ..
فقد كان إنسان ضعيف الشخصية .. إن واجهته مشكلة ما
توجه لى حتى أنقذه منها ..


إن زارنى أحد أقاربى من الرجال ينكر نفسه ويرفض مقابلته
وكائنه غير موجود أو نائم ..
وإن صادف وتكلم مع رجل ما.. تلعثم أو يظل صامتاً كالصنم


جعلنى شديدة الحرج من وجودى معه فى أى مكان يجمعنا,
أصابتنى الكأبة -إمتنعت عن أصدقائى حتى أتحاشى مقابلتهن
بزوجى ..


أهم من كل هذه الأشياء أن لاوجود له فى حياة أبنائه فلم يكن
له موقف يذكر يتعلق بأمورنا الحياتية,, أصبحت بالنسبة
لابنائى الأم والآب فى آنً واحد
ناهيك عن إحراجى أمام جيرانى من السيدات - يجلس معهن
ويحدثهن كائنه سيدة مثلهن .. يتفنن فى الكلام الهايف والتافه
والساذج .. أجلس وأنا فى شدة خجلى عندما أراه يتحدث
بهذا الاسلوب الغبى , هذا غير أنه قاسى القلب لم يلتزم معى
بالمصاريف المادية .. فتحملت جميع مصاريف أبنائى من
تعليم خاص ودروس خصوصية وعلاج وكساء .. 



فأمى كانت ميسورة الحال وعاشت معى لأرعاها .. ووالدى توفاه الله وترك
لى مبلغاً لابئس به .. والحمد لله مستورة ولست فى إحتياج مادى منه
إستقليت بنفسى والحمد لله كبروا أبنائى وإطمئن قلبى عليهم
لكننى الأن أشعر بالإحتياج, للحب والحنان الى كلمة عطف
تعوضنى عن حياة الحرمان .. فأبنائى لايشعرون بى ,,
يعيشون حياتهم وبعد فترة قصيرة سيتركوننى ويتزوجوا
أعلم انها سنة الحياة ...!!!


ولكن ماذا عنى ؟ هل مصيرى أن أستمر فى حياة التعاسة والشقاء مع
هذا الرجل الميت إكلينيكيا ؟
هل من العدل أن أقضى ماتبقى لى من عمر مع رجل أكرهه حتى
النخاع ؟
لقد تحملت فوق ما يستطيع إنسان أن يتحمل ..تحملت من
أجل أبنائى حتى لا أجعلهم مشتتين بين زوجة أب وزوج أم
لكنهم الأن صاروا شباب لاخوف عليهم ..!!


لقد وجدت الرجل المناسب . الحنون , الهادىء الطباع , المتزن ,
الوقور , لقد عرفته عن طريق صديقتى الحميمة .. كنت اذهب
معها إلى عملها لأقضى على أوقات فراغى ولكى التصق بالناس
لأخرج من حالة  الحزن والكأبة التى إنتابتنى وسيطرت على
سنين طويلة ... وهناك عرفته فهو رئيسها فى العمل ويشهد له
الجميع بدماثة الخلق وكرم أخلاقه فى تعاملاته معهم ,
كان يختلس نظراته لى فى إستحياء وأدب وكلامه معى فى غاية
الإحترام .. لم يخرج عن المجاملات الرقيقة لقدومى
لم أعلم إنه إستخبر عن حالى من صديقتى وعرف منها أن حياتى
الزوجية غير مستقرة.. وإنى سأنفصل عن زوجى أجلاً
أوعاجلاً .. تحدث معى ولم اخفى عنه شيئاً , إزداد تعلقه بى
وشجعنى على طلب الطلاق من زوجى .. لأن عشرتنا من بادىء
الأمر حرام والله لايرضي العذاب لأنفسنا ,
شرح لى ظروفه وكانت مشابهة لظروفى فأبنائه كبروا ويعملون
فى الخارج . وزوجته توفاها الله .. ويعانى من الوحدة القاتلة
طلبت منه مهلة من الوقت حتى أعيد ترتيب أوراقى مع نفسى ولكى
اقنع أبنائى بأسباب طلاقى وأشرح لهم ماعانيته مع والدهم وماتحملته
من أجلهم ....!!!



 لكن جأت الصدمة التى زلزلتنى,,
لم يتعاطفوا معى بل بالعكس ظهرت أنانيتهم التى ألمتنى وطعنتنى
مما أفقدنى أعصابى وصرخت فى وجههم قائلة :
اليس من حقى أن أعيش كإمرأة حياة طبيعية ؟
اليس من حقى أن أعيش فى كنف زوج أشعر معه بالأمان والإستقرار
ويعوضنى عن حياة الحرمان ويقينى من نفسى؟
هل ليس من حقى بعد سنين من العذاب تحملتها لكى أعبر بكم الى
بر الامان أن تعطونى حقى فى الحياة ؟
هل ليس من حقى أن أجد الإنسان الوقور الذى طالما حلمت به من
سنين طويلة؟؟ ..
إنسان يحتوينى ويخفف عنى ..أشعر إنى مسئولة منه
وليس العكس..!!
كثير علي يا أبنائى بعد كل تضحياتى معكم أن تتركونى أقضى ماتبقى
من عمرى أعوض فيه بما حرمت من سعادة حتى ولو كانت أيام قليلة!
أشعر فيها إنى إنسانة لها كيان .. أشعر أنى سيدة ولست خادمة
تخدم جميع من حولها وتحمل همومهم ومسئولياتهم دون الحصول
على أدنى حقوقها فى الحياة ..!!



أشهد انى سمعت هذه القصة منها شفاهة و حصلت عليها من مذكراتها المعلنة على شبكة الأنترنت و هى ترويها على انها قصة صديقة لها


بقلم / صفاء